بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
الميزان في تفسير القرآن
 للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تفسير سورة  البقرة
إعداد للتفسير الموضوعي

الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي رحمه الله : تفسير سورة البقرة الآيات 6-7
 ملاحظة : ما بين القوسين (  ) الهلاليين فهما شرح من معد الصفحة وليس من التفسير .
وسواء : عنوان ، أو غيره ، في داخل التفسير أو بعده ، كتب من معد الصفحة أو لا .

سورة البقرة من 6-7

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
الم (1)

 
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   


تفسير سورة البقرة (2)
و هي : (286) مائتان و ست و ثمانون آية .
 الآيات 1 إلى 5 .
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص43 .

( أحوال ومعنى الكفر وأنواعه في تفسير )
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6)
خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7) } البقرة .
سورة البقرة 2 : الآيات 6 إلى 7 .
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص53 .

بيان :
قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا } .
 هؤلاء : قوم ثبتوا على الكفر ، و تمكن الجحود من قلوبهم .
و يدل عليه : وصف حالهم ، بمساواة الإنذار و عدمه فيهم .
و لا يبعد : أن يكون المراد من هؤلاء { الذين كفروا }.
 هم : الكفار من صناديد قريش و كبراء مكة .
الذين : عاندوا و لجوا في أمر الدين ، و لم يألوا جهدا في ذلك ، و لم يؤمنوا حتى أفناهم الله عن آخرهم ، في بدر و غيره .
و يؤيده : أن هذا التعبير ، و هو قوله : { سَواءٌ عَلَيْهِمْ  أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } .
 لا يمكن : استطراده في حق جميع الكفار ، و إلا انسد باب الهداية ، و القرآن ينادي على خلافه .
و أيضا : هذا التعبير ، إنما وقع في سورة يس و هي مكية .
و في هذه السورة : و هي سورة البقرة ، أول سورة نزلت في المدينة ، نزلت و لم تقع غزوة بدر بعد .
 فالأشبه : أن يكون المراد من :
{ الَّذِينَ كَفَرُوا } : هاهنا ، و في سائر الموارد من كلامه تعالى ، كفار مكة في أول البعثة ، إلا أن تقوم قرينة على خلافه .
 نظير : ما سيأتي ، أن المراد من قوله تعالى :
{ الَّذِينَ آمَنُوا } ، فيما أطلق في القرآن من غير قرينة ، هم السابقون الأولون من المسلمين ، خصوا بهذا الخطاب تشريفا .

=

و قوله تعالى : { خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ ....} .
يشعر : تغيير السياق ، حيث نسب :
الختم : إلى نفسه تعالى .
و الغشاوة : إليهم أنفسهم .
 بأن فيهم :
حجابا : دون الحق ، في أنفسهم .
و حجابا : من الله تعالى ، عقيب كفرهم و فسوقهم .

فأعمالهم : متوسطة بين حجابين ،  من ذاتهم ، و من الله تعالى .
و سيأتي : بعض ما يتعلق بالمقام ، في قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا } .

و اعلم : أن الكفر كالإيمان ، وصف قابل للشدة و الضعف ، فله مراتب مختلفة الآثار كالإيمان .
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص53 .
 

بحث روائي : وجوه الكفر :
في الكافي: عن الزبيري ، عن الصادق عليه السلام قال :
قلت له : أخبرني عن وجوه الكفر ، في كتاب الله عز و جل ؟

 قال عليه السلام : الكفر في كتاب الله ، على خمسة أوجه :
 فمنها : كفر الجحود ، و الجحود : على وجهين .
 و الكفر : بترك ما أمر الله ، و كفر البراءة ، و كفر النعم .

 فأما كفر الجحود : فهو الجحود بالربوبية .
و هو قول من يقول
: لا رب ، و لا جنة ، و لا نار .
و هو قول : صنفين من الزنادقة ، يقال لهم :
 الدهرية : و هم الذين يقولون ، {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ (24) } الجاثية .
 و هو دين : وضعوه لأنفسهم ، بالاستحسان منهم ، و لا تحقيق لشيء مما يقولون .
 قال عز و جل : { إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) } الجاثية ، أن ذلك كما يقولون .
و قال : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } ، يعني بتوحيد الله .
 فهذا : أحد وجوه الكفر .

و أما الوجه الآخر : فهو الجحود على معرفة .
و هو :
أن يجحد الجاحد ، و هو يعلم أنه حق ، قد استقر عنده .
و قد قال الله عز و جل : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) } النمل .
 و قال الله عز و جل : { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ (89) } البقرة .
 فهذا : تفسير وجهي الجحود .

و الوجه الثالث : من الكفر كفر النعم .
 و ذلك قوله سبحانه يحكي قول سليمان :
{ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
 وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ
 وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) } النمل .
و قال : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)} إبراهيم .
 و قال : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) } البقرة .

و الوجه الرابع : من الكفر ترك ما أمر الله عز و جل به .
و هو قول عز و جل : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ( 84)
 ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ (85) } البقرة .
 فكفرهم : بترك ما أمر الله عز و جل به ، و نسبهم إلى الإيمان ، و لم يقبله منهم ، و لم ينفعهم عنده .
فقال :{ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) } البقرة .

و الوجه الخامس من الكفر : كفر البراءة .
 و ذلك قول الله عز و جل يحكي قول إبراهيم : {كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (4) } الممتحنة .
 يعني : تبرأنا منكم .
و قال:  يذكر إبليس ، و تبريه من أوليائه من الإنس يوم القيامة :
{ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ  (22) } إبراهيم .
و قال : { وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا (25) } العنكبوت .
 يعني : يتبرأ بعضكم من بعض .
الكافي ج2ص389 باب وجوه الكفر .

أقول : و هي في بيان ، قبول الكفر الشدة و الضعف ، كما مر.
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص54 .
 

 

http://www.alanbare.com/almezan
 الميزان في تفسير الميزان
للعلامة محمد حسين الطباطبائي قدس الله نفسه الزكية
استخرج التفسير الموضوعي منه ورتب فهارسه
 وأعد الصفحة للإنترنيت

خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين