في أصول الدين وسيرة المعصومين
للمرحوم العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
الجزء الأول فقط
مع بيان يسير : بتفصيل توزيع جمل التفسير لتسهيل التدبر في المعاني
وبيان بوضع عناوين أو شرح لبعض أهم مطالب التفسير
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل الأنباري
{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) } سورة الرحمن ، والحمد لله رب العالمين ذو الفضل والإحسان ، بنعم لا تحص على جميع خلقه وبالخصوص المؤمنين من بني الإنسان .
والصلاة والسلام : على خير خلقه نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين مفسري ومعلمي القرآن ، والمنعم عليهم بهدى صراطه المستقيم وبتطبيقه وشرحه علما وعملا بأتم وأكمل وأحسن بيان .
يا طيب : قال السيد الطباطبائي رحمه الله :
{ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ }: البيان : الكشف عن الشيء و المراد به الكلام الكاشف عما في الضمير، و هو من أعجب النعم ، وتعليمه للإنسان من عظيم العناية الإلهية المتعلقة به ، فليس الكلام مجرد إيجاد صوت ما باستخدام الرئة و قصبتها و الحلقوم ، و لا ما يحصل من التنوع في الصوت الخارج من الحلقوم باعتماده على مخارج الحروف المختلفة في الفم.
بل ( البيان ) : يجعل الإنسان _ بإلهام باطني من الله سبحانه الواحد _ من هذه الأصوات المعتمدة على مخرج من مخارج الفم المسمى حرفا أو المركب من عدة من الحروف ، علامة مشيرة إلى مفهوم من المفاهيم يمثل به ما يغيب عن حس السامع و إدراكه ، فيقدر به على إحضار أي وضع من أوضاع العالم المشهود ، و إن جل ما جل أو دق ما دق من موجود أو معدوم ماض أو مستقبل، ثم على إحضار أي وضع من أوضاع المعاني غير المحسوسة التي ينالها الإنسان بفكره ، و لا سبيل للحس إليها، يحضرها جميعا لسامعه و يمثلها لحسه كأنه يشخصها له بأعيانها.
وقال في تفسير معنى الميزان ، وقوله: { وَوَضَعَ الْمِيزَانَ }.
المراد بالميزان : كل ما يوزن أي يقدر به الشيء أعم من أن يكون عقيدة أو قولا أو فعلا ، و من مصاديقه الميزان الذي يوزن به الأثقال، قال تعالى: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (25) } الحديد.
فظاهر (الميزان) : مطلق ما يميز به الحق من الباطل ، و الصدق من الكذب ، و العدل من الظلم ، و الفضيلة من الرذيلة ، على ما هو شأن الرسول أن يأتي به من عند ربه ، و قيل: المراد بالميزان ، العدل : أي وضع الله العدل بينكم لتسووا به بين الأشياء بإعطاء كل ذي حق حقه.
العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس الله نفسه الزكية : مجتهد منظر ، و مفكر قدير ، وعارف عباد زاهد ، و معلم فاضل متمكن ، و مفسر كبير جليل ، وهو صحاب :
الميزان في تفسير القرآن الكريم ، و هو أفضل تفسير لكلام الله كتب ، من أول ما كتب التفسير لحد الآن وسواء عند الخاصة أو العامة ، وهو تفسير واسع البحث ، كبير في شأنه ، عالي في قدره و قيمته العلمية وبحوثه القرآنية ، فهو يفسر القرآن بالقرآن والسنة ، فيفسر الآية بالآية والآيات ثم بالحديث ، فيذكر أولا مجموعة من الآيات المتحدة الموضوع أو السياق ، ويذكر غرضها وفضلها ولغاتها وقراءتها ، ثم الأقوال فيها ، ورد المخالف ، ويدعم رأيه ببيان علمي أو فلسفي أو تأريخي أو اجتماعي ، ويدعمه بالآيات الأخرى المحكمة المتعلقة بالموضوع ، ثم يذكر الأحاديث المفسرة له في كتب الطرفين العامة والخاصة ، ويبين حقائقها ، فيقبل السليم منها ويرد ما يغاير معارف كلام الله ، فجزاه الله خير الجزاء ، وجعله نورا في ميزان حسناته .
ولقد ولد العلّامة الطباطبائي : في 29 التسع و العشرين ، من شهر 11 ذي القعدة لسنة 1321 ألف و ثلاثمائة و إحدى و عشرين هجريّة ، في قرية «شادگان» من توابع تبريز، وقد فقد أمّه في السنة الخامسة من عمره حين ولادة أخوه الأصغر سيد محمد حسن ، وفي السنة التاسعة فقد قد أباه رحمهم الله .
وبعد أن أنهى : العلّامة آية الله الطباطبائيّ رحمة الله عليه مدّة تحصيلاته من المقدّمات و السطوح، في حدود سنة 1334 ، عزم السفر إلى النجف الأشرف حيث كان يحضر لمدّة 10 عشر سنوات دروس الأساتذة أمثال آية الله السيد القاضي الطباطبائي ، و آية الله الشيخ محمد حسن النائينيّ، و آية الله الشيخ محمد حسين الغرويّ الأصبهانيّ المشهور بالكمبانيّ، و آية الله السيّد حسين بادكوبهاى و آية الله السيّد أبوالحسن الأصبهانيّ.
وبعد أن نال مقام الاجتهاد : في سنة 1354 رجع إلى تبريز ، و بقي فيها 10عشر سنوات كان فيها مشغولًا بالتدريس والتأليف.
وفي سنة 1365 هاجر إلى بلدة قم الطيّبة حيث كان مقيماً فيها مدرسا معلما مفسرا مربيا لكثير من العلماء والمجتهدين ، ومن تلاميذه وخريجو منهجه : قال آية الله السبحاني حفظه الله : لقد مارس الأستاذ رحمه الله : الدراسة و التدريس طيلة عمره ، وأكبّ عليها خصوصاً عندما نزل قم ، وظل فيها حوالي 35 سنة ، فتلمذ عليه لفيف من العلماء الكبار ، نشير إلى أسماء بعضهم :
1. الشيخ مرتضى المطهّري .
2. الشيخ حسين علي المنتظري .
3.السيدمحمّد البهشتي .
4. السيد موسى الصدر .
5. الشيخ ناصر مكارم الشيرازي .
6. السيد جلال الدين الآشتياني .
7. السيد محمد حسين الطهراني.
8.السيد عزّ الدين الزنجاني .
9. السيد محمد باقر الاَبطحي.
10. السيد محمد علي الاَبطحي .
11. الشيخ حسين النوري .
12. السيد مهدى الروحاني .
13.الشيخ حسن زاده الآملي .
14. الشيخ عبد اللّه جوادي الآملي .
15.الشيخ أبو طالب تجليل التبريزي .
16. الشيخ عبد الحميد الشربياني .
17.الشيخ إبراهيم الاَميني .
18. الشيخ يحيى الاَنصاري .
19. السيد عبد الكريم الاَردبيلي.
20. الشيخ عباس اليزدي الاصفهاني .
21. الشيخ محمد المفتح.
22. الشيخ علي الميانجي .
23. الشيخ محمد تقي المصباح.
24.وأقلّهم جعفر السبحاني. (بل من أفاضلهم حفظه الله معد الصفحة ) .
يا طيب : وقد وافاه الأجل في صبيحة الثامن عشر من محرّم 1402 للهجرة عن عمر بلغ سنة 81 عاما ، قضاه بالعبودية لله تعالى وبالبر والخير والعلم والتعليم والعمل الصالح والإحسان ، فتغمده الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته والحقه بأجداده نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم .
يا طيب : إن البيان للميزان هو عمل بسيط يسير ، لا يتجاوز بيان بتفصيل توزيع جمل التفسير لتسهيل التدبر في المعاني وضع بعض الفوارز والنقاط أو رؤوس الأسطر بتقسيم بعض الجمل ، أو بيان وشرح لبعض أهم مطالب التفسير ، ووضع عناوين لبعض أهم أقسام الشرح ، وقد لا يكون مقبولا هذا العمل لبعض العلماء ، ولكن كان مستحسنا مقبولا من كثير من المتعلمين المؤمنين وذلك حين ننشر ما نعده على الأنترنيت ، وقد حثوا على الاستمرار به لتسهيل معارف تفسير الميزان العميقة والكريمة في معناها ومفهومها ومحتواها ، حتى تثبت في الذهن وتنفع في التدبر وتساعد على الفهم السريع والعميق ، وذلك لتتمكن معارفه في الفكر وتدوم في الوجدان والروح تعاليمه القيمة .
ويا طيب : إن كل ما بين القوسين ( ) من العناوين والشرح ، فهو من معد بيان الميزان في تفسير القرآن ، وليس من أصل الكتاب للمرحوم الطباطبائي قدس الله سره الشريف ، بل هو إما عنوان لبيان ما تحته من التفسير ، أو شرح يلحق أخر كل قسم من البحث ، حيث قسم السيد الطباطبائي رحمه الله كل مجموعة من الآيات النازلة في شأن ونسق وبيان معين لتعاليم القرآن في قسم ، ثم يشرح القسم الآخر ، ونحن قد نضع بعض الشرح بين قوسين ( ) آخر القسم أو بعد بعض الكلمات لبيان رجوع الضمير فيها ، أو لبيان بسيط لمعناها والمراد منها ، كما قد قسمنا كثير من الجمل لجمل ورؤوس أسطر ووضعنا فارزة بين كثير من الفقرات ، فمن أحب هذا التقسيم فبها ومن الله التوفيق ، ومن يحب الأصل يرجع إلى ما منشور في المواقع الأخرى الكثيرة الناشر لتفسير الميزان ، وأسأل الله التوفيق والتسديد لنا ولكم ، وأن يرزقنا فهم وعلم القرآن والتدبر فيه بما يحب ويرضا ، بحق نبي الرحمة وسيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
روابط الصحيفة لتبليغها :
الجزء الأول للميزان في تفسير القرآن
https://www.alanbare.com/almezan
الصحيفة كتاب الكتروني
https://www.alanbare.com/almezan/almezan.pdf
بيان وإعداد
الراجي لرحمة الله وشفاعة نبيه وآله عليهم السلام
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل الأنباري
موسوعة صحف الطيبين