بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب
العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
الميزان في تفسير
القرآن
للعلامة السيد محمد
حسين الطباطبائي
تفسير سورة البقرة [ 2 ]
وهي [ 286 ] آية
تفسير الآيات من
125 إلى 129 .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص .
ملاحظة : ما بين القوسين
( ) الهلاليين شرح من معد الصفحة وليس من التفسير .
سواء : عنوان ، أو غيره ، في داخل التفسير أو بعده ، كتب من معد الصفحة أو لا
.
سورة البقرة من 125 - 129.
{ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ |
|
بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{ وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً
وَ اتَّخِذُوا مِنْ
مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى
وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ
أَنْ
طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)
وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ
رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ
مِنَ الثَّمَراتِ
مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ
قالَ وَ
مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَ
بِئْسَ الْمَصِيرُ (126)
وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ
وَ إِسْماعِيلُ
رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(127)
رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً
مُسْلِمَةً لَكَ
وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ (128)
رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا
عَلَيْهِمْ آياتِكَ
وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) } البقرة .
( في تفسير الآيات 125 - 129 من سورة البقرة : بيان قصة بناء إبراهيم عليه
السلام للكعبة و ما يتعلق بها من دعائه للنبي و أمته و معنى ذلك ، مع بيان معاني
الآيات الكريمة ، و تحقيق معنى طلب إبراهيم وإسماعيل الإسلام والمناسك وتوبتهما ، و
جواب إشكال يمكن أن يراد المعنى المتعارف من طلب الإسلام العام .
و بحث روائي :
في قصة : بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة ، و ما يتعلق بها من دعائه للنبي و أمته
، و معنى ذلك ، و ما أورد على ما ورد في فضائل الكعبة ، و الجواب عنه ، و حكم
الصلاة خلف مقام إبراهيم وتطهير البيت ودخوله ، و قصة زيارة إبراهيم لإسماعيل
وزوجاته ومعنى التطهير ، و قصة سبب نزول هاجر وإسماعيل مكة والسعي وجهرم وبنائها
البيت ، و بيان خوارق العادة والإعجاز في بناء البيت والحجر ونزول ما يماثلها من
خزائنه تعالى .
و تقرير إشكال أن روايات نزول الحجر والبيت من الجنة خرافة ، و رد أقوال المستشكل
بوجوه :
أولها : الروايات إذا لم تخالف النقل والعقل لا ترد ، و ثانيا : الأمور المادية
والاجتماعية لا تتحكم ولا ترد المعنوية ، و ثالثا : شرف البيت والحجر حقيقي وليس
اعتباري .
, و تحقيق رائق عميق في أن الأمة المسلمة نبي الرحمة وآله ، و رد إشكال بأن المراد
بالأمة جميعها وأنه اصطلاح مستحدث لا دليل له ، و بحث علمي في معنى قصة إبراهيم و
سر تشريع الحج )
بيان : قصة بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة و ما يتعلق بها
من دعائه للنبي و أمته و معنى ذلك .
( بيان معاني الآيات الكريمة )
قوله تعالى : { وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً
... (125) } .
إشارة
: إلى تشريع الحج ، و الأمن في البيت .
و المثابة : هي المرجع ، من ثاب يثوب إذا رجع .
قوله تعالى : { وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى } .
كأنه عطف على قوله : { جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً } بحسب المعنى .
فإن قوله : { جَعَلْنَا الْبَيْتَ
مَثابَةً } .
لما كان : إشارة إلى التشريع ، كان المعنى :
و إذ قلنا
للناس : ثوبوا إلى البيت
، و حجوا إليه ،{ وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى
} .
و ربما قيل : إن
الكلام ، على تقدير : القول .
و التقدير: و قلنا ، اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
.
و
المصلى : اسم مكان من الصلاة ، بمعنى الدعاء .
أي اتخذوا : من مقامه عليه السلام ، مكانا للدعاء .
و
الظاهر أن قوله : { جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً ...
} .
بمنزلة : التوطئة ، أشير به إلى مناط
تشريع الصلاة .
و لذا لم يقل : و صلوا ، في مقام إبراهيم .
بل قال : { وَ اتَّخِذُوا مِنْ
مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى } .
فلم يعلق : الأمر بالصلاة في المقام .
بل علق : على
اتخاذ المصلى منه .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص281 .
قوله تعالى : { وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا
} .
العهد
: هو الأمر .
و التطهير :
إما : تخليص البيت ، لعبادة الطائفين ، و العاكفين ، و المصلين ، و
نسكهم .
فيكون : من الاستعارة بالكناية .
و أصل المعنى: أن خلصا بيتي لعبادة العباد ، و
ذلك تطهير .
و إما : تنظيفه من الأقذار و الكثافات ، الطارئة من عدم مبالاة الناس .
و
الركع السجود : جمعا راكع و ساجد .
و كان : المراد به المصلون .
+
قوله تعالى : { وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ
.. (125)} .
هذا دعاء : دعا به إبراهيم
، يسأل به الأمن لأهل مكة و الرزق .
و قد : أجيبت دعوته .
و حاشا : لله سبحانه ، أن ينقل
في كلامه دعاء .
لا يستجيبه : و لا يرده في كلامه الحق .
فيشتمل : كلامه ، على هجاء لغو ، لغا به لاغ جاهل .
و قد قال تعالى : { وَ الْحَقَّ أَقُولُ (84) } ص
.
و قال تعالى : {
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ (14) } الطارق .
و قد نقل : القرآن العظيم ، عن هذا النبي الكريم دعوات كثيرة
، دعا بها و سألها ربه
.
كدعائه : لنفسه في بادئ أمره .
و دعائه : عند مهاجرته إلى سورية .
و دعائه : و مسألته ، بقاء
الذكر الخير .
و دعائه : لنفسه و ذريته و لوالديه ، و للمؤمنين و المؤمنات
.
و دعائه
: لأهل مكة بعد بناء البيت .
و دعائه : و مسألته ، بعثة النبي من ذريته .
و من دعواته : و
مسائله ، التي تجسم آماله .
و تشخص : مجاهداته و مساعيه ، في جنب الله ، و فضائل نفسه المقدسة
.
و بالجملة :
تعرف : موقعه و زلفاه ، من الله عز اسمه .
و سائر : قصصه ، و ما مدحه به ربه .
يستنبط : شرح حياته الشريفة .
و سنتعرض : للميسور من ذلك ، في سورة الأنعام .
+
قوله تعالى : { مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ
} .
لما سأل عليه السلام : لبلد مكة الأمن ، ثم سأل لأهله أن
يرزقوا من الثمرات .
استشعر: أن الأهل ، سيكون منهم ، مؤمنون ، و كافرون .
و دعاؤه للأهل
: بالرزق يعم الكافر و المؤمن .
و قد تبرأ : من الكافرين و ما يعبدونه .
قال تعالى
: { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ
(114) } التوبة .
فشهد تعالى له : بالبراءة ، و التبري عن كل عدو لله ، حتى أبيه
.
و لذلك : لما استشعر
ما استشعره ، من عموم دعوته ، قيدها بقوله من آمن منهم .
و هو يعلم : أن رزقهم من الثمرات
، لا يتم ، من دون شركة الكافرين ، على ما يحكم به ناموس الحياة الدنيوية الاجتماعية
.
غير
أنه : خص مسألته .
و الله : أعلم بما يحكم لسائر عباده ، و يريد في حقهم
.
فأجيب عليه السلام : بما
يشمل المؤمن و الكافر .
و فيه
بيان : أن المستجاب من دعوته ، ما يجري على حكم العادة ، و قانون الطبيعة .
من غير : خرق
للعادة ، و إبطال لظاهر حكم الطبيعة .
و لم يقل : و ارزق من آمن من أهله من الثمرات .
لأن المطلوب : استيهاب الكرامة للبلد ، لكرامة البيت المحرم
.
و لا ثمرة : تحصل ، في واد
غير ذي زرع ، وقع فيه البيت .
و لو لا ذلك : لم يعمر البلد ، و لا وجد أهلا يسكنونه .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص282.
قوله تعالى : {
وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً
} .
قرئ : فأمتعه ، من باب الإفعال
و التفعيل ، و الإمتاع و التمتيع بمعنى واحد .
قوله تعالى : { ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ
...} .
فيه إشارة : إلى مزيد
إكرام البيت ، و تطييب لنفس إبراهيم عليه السلام .
كأنه قيل : ما سألته من إكرام البيت ، برزق
المؤمنين من أهل هذا البلد ، استجبته و زيادة .
و لا يغتر : الكافر بذلك ، أن له كرامة
على الله .
و إنما ذلك : إكرام لهذا البلد ، و إجابة لدعوتك بأزيد مما سألته ، فسوف
يضطر إلى عذاب النار ، و بئس المصير .
+
قوله تعالى : { وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ
إِسْماعِيلُ (127)} .
القواعد : جمع قاعدة ، و هي ما قعد من البناء على الأرض ، و استقر عليه
الباقي .
و رفع القواعد : من المجاز ، بعد ما يوضع عليها منه ، و نسبة الرفع المتعلق
بالمجموع إلى القواعد وحدها .
و في قوله تعالى : { مِنَ الْبَيْتِ
} .
تلميح : إلى هذه العناية المجازية .
قوله تعالى : { رَبَّنا
تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ
أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }.
دعاء : لإبراهيم و إسماعيل ، و ليس على تقدير القول ، أو ما يشبهه
.
و المعنى يقولان :
{ رَبَّنا تَقَبَّلْ
مِنَّا ....} .
بل هو : في الحقيقة ، حكاية المقول نفسه .
فإن قوله :
{ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ ..} .
حكاية : الحال
الماضية ، فهما يمثلان بذلك تمثيلا .
كأنهما : يشاهدان ، و هما مشتغلان بالرفع .
و السامع
: يراهما على حالهما ذلك ، ثم يسمع دعاءهما بألفاظهما .
من غير : وساطة المتكلم المشير إلى
موقفهما و عملهم .
و هذا : كثير في القرآن ، و هو من أجمل السياقات القرآنية
، و كلها
جميل .
و فيه : من تمثيل القصة ، و تقريبها إلى الحس .
ما لا يوجد : و لا شيء من نوع بداعته ،
في التقبل ، بمثل القول و نحوه .
و في عدم : ذكر ، متعلق التقبل ( وما طلبا أن يتقبله
تعالى منها ) ، و هو بناء البيت .
تواضع : في مقام العبودية ، و استحقار لما عملا به .
و المعنى : ربنا تقبل منا هذا العمل اليسير .
إنك : أنت .
السميع
: لدعوتنا .
العليم : بما نويناه في قلوبنا .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص283 .
+++
( تحقيق معنى طلب إبراهيم وإسماعيل
الإسلام والمناسك وتوبتهما )
قوله تعالى : { رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا
أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ....} .
من البديهي : أن الإسلام
:
على : ما تداول بيننا من لفظه ، و
يتبادر إلى أذهاننا من معناه .
أول : مراتب العبودية ، و به يمتاز المنتحل من غيره .
و
هو : الأخذ بظاهر الاعتقادات ، و الأعمال الدينية .
أعم : من الإيمان ، و النفاق .
و
إبراهيم عليه السلام :
و هو : النبي الرسول ، أحد الخمسة أولي العزم ، صاحب الملة الحنيفية
.
أجل : من
أن يتصور في حقه ، أن لا يكون قد ناله ( نال الإسلام ) إلى هذا الحين .
و كذا : ابنه إسماعيل ، رسول الله و
ذبيحة .
أو يكونا : قد نالاه ، و لكن لم يعلما بذلك .
أو يكونا : علما بذلك ، و أرادا
البقاء على ذلك .
و هما : في ما هما فيه
، من القربى و الزلفى .
و المقام : مقام الدعوة
، عند بناء البيت المحرم .
و هما : أعلم بمن يسألانه ، و أنه من هو ، و ما شأنه
.
على
أن : هذا الإسلام ، من الأمور الاختيارية ، التي يتعلق بها الأمر و النهي
.
كما قال تعالى :
{ إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ
(131) }
البقرة .
و لا معنى : لنسبة ما هو كذلك ، إلى الله سبحانه .
أو مسألة : ما هو فعل
اختياري للإنسان ، من حيث هو ، كذلك من غير عناية يصح معها ذلك .
فهذا الإسلام : المسئول .
غير : ما هو المتداول المتبادر عندنا منه .
فإن : الإسلام مراتب .
و
الدليل : على أنه ذو مراتب .
قوله تعالى : { إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ
أَسْلَمْتُ (131) }
البقرة .
حيث : يأمرهم إبراهيم بالإسلام ، و قد كان مسلما .
فالمراد : بهذا
الإسلام المطلوب .
غير : ما كان عنده من الإسلام الموجود .
و لهذا : نظائر في القرآن .
فهذا الإسلام : هو الذي سنفسره ، من معناه :
و هو : تمام العبودية ، و تسليم العبد كل ما له
إلى ربه .
و هو : إن كان معنى اختياريا للإنسان ، من طريق مقدماته
.
إلا أنه : إذا أضيف إلى
الإنسان العادي ، و حاله القلبي المتعارف .
كان : غير اختياري .
بمعنى : كونه غير ممكن النيل
له ، و حاله حاله .
كسائر : مقامات الولاية ، و مراحله العالية .
و كسائر : معارج الكمال
البعيدة ، عن حال الإنسان المتعارف ، المتوسط الحال ، بواسطة مقدماته الشاقة .
و لهذا
: يمكن أن يعد ، أمرا إلهيا ، خارجا عن اختيار الإنسان .
و يسأل : من الله سبحانه ، أن يفيض به ، و أن يجعل الإنسان متصفا به .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص284.
على أن : هنا نظرا أدق من ذلك
.
و هو : أن الذي ينسب إلى الإنسان ، و يعد اختياريا له
.
هو : الأفعال .
و أما الصفات : و الملكات الحاصلة ، من تكرر صدورها .
فليست : اختيارية بحسب
الحقيقة .
فمن الجائز : أو الواجب ، أن ينسب إليه تعالى .
و خاصة : إذا كانت من الحسنات و
الخيرات ، التي نسبتها إليه تعالى ، أولى من نسبتها إلى الإنسان .
و على ذلك : جرى ديدن
القرآن .
كما في قوله تعالى : { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ
ذُرِّيَّتِي (40) } إبراهيم .
و قوله تعالى : { وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83)
} الشعراء .
و قوله تعالى : { رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً
تَرْضاهُ (18) } النمل .
و قوله تعالى : { رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ
..
} الآية .
فقد ظهر : أن المراد بالإسلام ، غير المعنى الذي يشير إليه
.
قوله تعالى : {
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ
لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ (14) } الحجرات .
بل معنى : أرقى ، و أعلى ،
منه ( مطلق الإسلام وأول مراتبه ).
سيجيء : بيانه .
قوله تعالى : { وَ أَرِنا
مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ } .
يدل : على ما مر ، من معنى الإسلام أيضا .
فإن المناسك : جمع منسك
، بمعنى
العبادة .
كما في قوله تعالى : {
وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكا (34) } الحج .
أو بمعنى : المتعبد ، أعني الفعل
المأتي به عبادة ، و إضافة المصدر يفيد التحقق .
فالمراد : بـ { مناسكنا
} .
هي : الأفعال العبادية الصادرة منهما
، و الأعمال التي يعملانها .
دون : الأفعال ، و الأعمال ، التي يراد
صدورها منهم .
فليس قوله : أرنا ، بمعنى علمنا ، أو وفقنا .
بل التسديد : بآرائه حقيقة
الفعل الصادر منهما .
كما أشرنا إليه في قوله تعالى : { وَ أَوْحَيْنا
إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ (73) } الأنبياء .
و سنبينه في محله :
أن هذا الوحي : تسديد في الفعل
، لا تعليم للتكليف المطلوب .
و
كأنه : إليه الإشارة
بقوله تعالى : { وَاذْكُرْ عِبَادَنَا
إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي
الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى
الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)
} ص .
فقد تبين :
أن المراد : بالإسلام
، و البصيرة في العبادة .
غير المعنى : الشائع المتعارف .
و كذلك ( غير المتعارف ) : المراد .
بقوله تعالى : { وَ تُبْ عَلَيْنا
} .
لأن : إبراهيم و إسماعيل
،كانا نبيين
معصومين ، بعصمة الله تعالى .
لا يصدر : عنهما ، ذنب حتى يصح توبتهما منه ، كتوبتنا من
المعاصي الصادرة عنا .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص285.
++
( جواب إشكال يمكن أن يراد المعنى المتعارف من طلب
الإسلام العام .. )
فإن قلت :
كل ما ذكر : من معنى الإسلام ، و إراءة المناسك
، و التوبة .
مما يليق : بشأن
إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام .
لا يلزم : أن يكون هو مراده ، في حق ذريته
.
فإنه : لم يشرك ذريته معه
، و مع ابنه إسماعيل .
إلا في : دعوة الإسلام .
و قد سأل : لهم الإسلام بلفظ آخر في جملة أخرى
.
فقال عليه السلام : { وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ
} .
و لم يقل : و اجعلنا و من
ذريتنا مسلمين ، أو ما يؤدي معناه .
فما المانع : أن يكون مراده ، من الإسلام .
ما يعم : جميع
مراتبه ، حتى ظاهر الإسلام .
فإن الظاهر : من الإسلام ، أيضا له آثار جميلة ، و غايات
نفيسة ، في المجتمع الإنساني .
صح : أن يكون بذلك ، بغية لإبراهيم عليه السلام ، يطلبها من ربه
.
كما
كان : كذلك عند النبي صلى الله عليه وآله .
حيث اكتفى : من الإسلام ، بظاهر الشهادتين .
الذي به : يحقن الدماء
، و يجوز التزويج ، و يملك الميراث .
و على هذا : يكون المراد بالإسلام .
في قوله تعالى
: { رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ } .
ما يليق : بشأن إبراهيم و إسماعيل .
و
في قوله : { وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ } .
ما هو : اللائق بشأن الأمة
، التي فيها المنافق ، و ضعيف الإيمان و قويه ، و الجميع مسلمون .
+
قلت :
مقام : التشريع ، و مقام
: السؤال من الله .
مقامان : مختلفان ، لهما حكمان متغايران .
لا
ينبغي : أن يقاس أحدهما على الآخر .
فما اكتفى به : النبي صلى الله
عليه وآله وسلم ، من أمته .
بظاهر : الشهادتين من
الإسلام .
إنما هو : لحكمة توسعة الشوكة ، و الحفظ لظاهر النظام الصالح
.
ليكون ذلك
: كالقشر .
يحفظ به : اللب ، الذي هو حقيقة الإسلام ، و يصان به
عن مصادمة الآفات الطارئة .
و أما مقام : الدعاء و السؤال ، من الله سبحانه .
فالسلطة : فيه ، للحقائق .
و الغرض : متعلق
هناك ، بحق الأمر ، و صريح القرب و الزلفى .
و لا هوى : للأنبياء ، في الظاهر من جهة ما هو
ظاهر .
و لا هوى : لإبراهيم عليه السلام ، في ذريته .
و لو كان : له هوى ، لبدأ فيه لأبيه قبل ذريته ، و لم
يتبرأ منه لما تبين أنه عدو لله .
و لم يقل : في ما حكى الله من دعائه : { وَ لا
تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ
أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) } الشعراء .
و لم يقل : { وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ
صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) } الشعراء .
بل اكتفى : بلسان ذكر في الآخرين ، إلى غير
ذلك .
فليس الإسلام
: الذي سأله لذريته ، إلا حقيقة الإسلام
.
و في قوله تعالى : { أُمَّةً
مُسْلِمَةً لَكَ } .
إشارة : إلى ذلك .
فلو كان المراد :
مجرد : صدق اسم الإسلام ، على الذرية
.
لقيل : { أمة مسلمة
} .
و حذف قوله : { لَكَ } ، هذا .
+
قوله تعالى : { رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ
.....(129)}.
دعوة : للنبي صلى الله عليه
وآله وسلم .
و قد كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
أنا دعوة إبراهيم .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص286 .
============
+++++
===========
بحث روائي :
قصة : بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة ، و ما يتعلق بها من دعائه للنبي و
أمته ، و معنى ذلك .
و ما أورد : على ما ورد في فضائل الكعبة ، و الجواب عنه .
( حكم الصلاة خلف مقام إبراهيم وتطهير البيت ودخوله )
في الكافي : عن الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام
.
عن رجل : نسي أن يصلي الركعتين
، عند مقام إبراهيم ، في طواف الحج و العمرة .
فقال عليه السلام : إن كان بالبلد ، صلى الركعتين عند
مقام إبراهيم .
فإن الله عز و جل يقول : { وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ
مُصَلًّى } .
و إن كان : قد ارتحل ، فلا آمره أن يرجع .
أقول :
و روى : قريبا منه ، الشيخ في التهذيب ، و العياشي في تفسيره
، بعدة أسانيد .
و
خصوصيات : الحكم ، و هو الصلاة عند المقام أو خلفه .
كما
في بعض الروايات : ليس لأحد أن يصلي ركعتي الطواف ، إلا خلف المقام .
الحديث : مستفادة من لفظة { من
} و { مصلى } .
من قوله تعالى : { وَ اتَّخِذُوا مِنْ
مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ..} الآية .
+
و في تفسير القمي : عن الصادق عليه السلام :
في قوله تعالى : { أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ
...} الآية .
يعني : نح عنه المشركين .
+
و في الكافي : عن الصادق عليه السلام قال :
إن الله عز و جل يقول في كتابه : { طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ
الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ }.
فينبغي للعبد : أن لا
يدخل مكة ، إلا و هو طاهر ، قد غسل عرقه ، و الأذى ، و تطهر .
أقول :
و هذا المعنى : مروي في روايات أخر .
و استفادة : طهارة الوارد ، من طهارة المورد ،
ربما تمت من آيات أخر .
كقوله تعالى : { الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ
الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ (26) } النور .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص287 .
+
( قصة زيارة إبراهيم لإسماعيل وزوجاته ومعنى
التطهير )
و نحوه :
و في المجمع ، عن ابن عباس قال :
لما أتى : إبراهيم بإسماعيل و هاجر ، فوضعهما بمكة
.
و
أتت : على ذلك مدة ، و نزلها الجرهميون .
و تزوج : إسماعيل امرأة منهم ، و ماتت هاجر .
و استأذن : إبراهيم سارة ، فأذنت له ، و شرطت عليه أن لا ينزل
.
فقدم إبراهيم : و قد
ماتت هاجر .
فذهب : إلى بيت إسماعيل ، فقال لامرأته أين صاحبك ؟
قالت له : ليس هو هاهنا ، ذهب يتصيد .
و كان إسماعيل : يخرج من الحرم ، يتصيد و يرجع .
فقال لها إبراهيم : هل عندك ضيافة ؟
فقالت : ليس عندي شيء ، و ما عندي أحد .
فقال لها
إبراهيم : إذا جاء زوجك ، فأقرئيه السلام .
و قولي له : فليغير عتبة بابه ، و ذهب إبراهيم
.
فجاء إسماعيل : و وجد ريح أبيه .
فقال لامرأته : هل جاءك أحد ؟
قالت : جاءني شيخ صفته كذا و كذا ، كالمستخفة بشأنه .
قال: فما قال لك ؟
قالت :
قال لي : أقرئي زوجك السلام ، و قولي له : فليغير عتبة بابه .
فطلقها : و تزوج أخرى .
فلبث : إبراهيم ما شاء الله أن يلبث .
ثم استأذن سارة : أن يزور إسماعيل .
و أذنت له : و
اشترطت عليه ، أن لا ينزل .
فجاء إبراهيم : حتى انتهى إلى باب إسماعيل .
فقال لامرأته :
أين صاحبك ؟
قالت : ذهب يتصيد ، و هو يجيء الآن إن شاء الله .
فانزل : يرحمك الله .
قال لها : هل عندك ضيافة ؟
قالت : نعم ، فجاءت باللبن و اللحم .
فدعا لها : بالبركة .
فلو
جاءت : يومئذ بخبز ، أو بر أو شعير ، أو تمر ، لكان أكثر أرض الله برا و شعيرا و تمر
.
فقالت له : انزل حتى أغسل رأسك ، فلم ينزل ، فجاءت بالمقام
.
فوضعته : على شقه ، فوضع قدمه عليه
، فبقي أثر قدمه عليه ، فغسلت شق رأسه الأيمن .
ثم حولت : المقام إلى شقه الأيسر
، فغسلت شق رأسه الأيسر ، فبقي أثر قدمه عليه .
فقال لها : إذا جاء زوجك ، فأقرئيه السلام
.
و قولي له : قد استقامت عتبة بابك .
فلما : جاء إسمعيل عليه السلام ، وجد ريح أبيه
.
فقال لامرأته
: هل جاءك أحد ؟
قالت : نعم شيخ أحسن الناس وجه ، و أطيبهم ريح .
فقال لي : كذا و كذا .
و قلت
له : كذا ، و غسلت رأسه ، و هذا موضع قدميه على المقام .
فقال إسماعيل لها : ذاك
إبراهيم .
أقول :
و روى القمي : في تفسيره ، ما يقرب منه .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص288 .
+++
( قصة سبب نزول هاجر وإسماعيل مكة والسعي وجهرم
وبنائها البيت )
و في تفسير القمي : عن الصادق عليه السلام قال :
إن إبراهيم : كان نازل ، في بادية
الشام .
فلما ولد له : من هاجر إسماعيل ، اغتمت سارة من ذلك غما شديد
.
لأنه : لم يكن لها
ولد .
و كانت : تؤذي إبراهيم في هاجر ، و تغمه .
فشكا إبراهيم : ذلك ، إلى الله عز و جل
.
فأوحى الله إليه : مثل المرأة مثل الضلع العوجاء ، إن تركتها استمتعت به
، و إن أقمتها كسرته .
ثم أمره : أن يخرج إسماعيل و أمه .
فقال : يا رب إلى أي مكان ؟
فقال : إلى حرمي و أمني ، و أول بقعة خلقتها من الأرض
.
و هي : مكة .
فأنزل الله : عليه جبرئيل بالبراق .
فحمل : هاجر ، و إسماعيل ، و إبراهيم .
و كان إبراهيم : لا يمر بموضع حسن ، فيه
شجر و زرع و نخل .
إلا و قال إبراهيم : يا جبرائيل إلى هاهنا ، إلى هاهنا
.
فيقول جبرائيل : لا
امض ، امض .
حتى وافى : مكة ، فوضعه في موضع البيت .
و قد كان إبراهيم : عاهد سارة ، أن لا
ينزل حتى يرجع إليه .
فلما نزلوا : في ذلك المكان ، كان فيه شجر .
فألقت هاجر : على ذلك
الشجر ، كساء كان معها ، فاستظلوا تحته .
فلما سرحهم : إبراهيم ، و وضعهم ، أراد الانصراف
عنهم إلى سارة .
قالت له هاجر : يا إبراهيم ، أ تدعنا في موضع ، ليس فيه أنيس و لا ماء و
لا زرع ؟
فقال إبراهيم : الله الذي أمرني ، أن أضعكم في هذا المكان
.
هو : يكفيكم ، ثم
انصرف عنهم .
فلما : بلغ كداء ، (و هو جبل بذي طوى) التفت إبراهيم
.
فقال : { رَّبَّنَا
إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ
الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ
النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَشْكُرُونَ (37) } إبراهيم .
ثم مضى : و بقيت هاجر .
فلما ارتفع النهار : عطش إسماعيل .
فقامت هاجر : في
موضع السعي ، فصعدت على الصفا .
و لمع لها : السراب في الوادي ، فظنت أنه ماء ، فنزلت في
بطن الوادي ، و سعت .
فلما بلغت : المروة ، غاب عنها إسماعيل ، عادت حتى بلغت الصفا
.
فنظرت : حتى فعلت ذلك ، سبع مرات .
فلما كان : في الشوط السابع ، و هي على المروة .
نظرت : إلى
إسماعيل ، و قد ظهر الماء من تحت رجليه .
فعادت : حتى جمعت حوله رمل ، فإنه كان سائل .
فزمته : بما جعلت حوله .
فلذلك : سميت زمزم .
و كانت جرهم : نازلة بذي المجاز و عرفات .
فلما ظهر : الماء بمكة ، عكفت الطير و الوحش على الماء
.
فنظرت جرهم : إلى تعكف الطير و
الوحش على ذلك المكان ، فاتبعته .
حتى نظروا : إلى امرأة و صبي ، نازلين في ذلك الموضع ،
قد استظلا بشجرة ، و قد ظهر الماء لهم .
فقالوا لهاجر : من أنت ، و ما شأنك ، و شأن هذا
الصبي ؟
قالت : أنا أم ولد ، إبراهيم خليل الرحمن ، و هذا ابنه .
أمره الله : أن ينزلنا
هاهنا .
فقالوا لها : أ تأذنين لنا أن نكون بالقرب منكم ؟
فقالت لهم : حتى يأتي إبراهيم .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص289 .
فلما : زارهم إبراهيم في اليوم الثالث
.
قالت هاجر : يا خليل الله ، إن هاهنا قوما من جرهم .
يسألونك : أن تأذن لهم ، حتى يكونوا
بالقرب من ، أ فتأذن لهم في ذلك ؟
قال إبراهيم : نعم .
فأذنت هاجر : لهم .
فنزلوا
: بالقرب منهم ، و ضربوا خيامهم .
فأنست : هاجر و إسماعيل بهم .
فلما : زارهم إبراهيم في
المرة الثانية ، نظر إلى كثرة الناس حولهم ، فسر بذلك سرورا شديد .
فلما تحرك : إسماعيل ، و
كانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل ، كل واحد منهم شاة ، و شاتين .
فكانت : هاجر و إسماعيل ،
يعيشان به .
فلما : بلغ إسماعيل ، مبلغ الرجال .
أمر الله إبراهيم : أن يبني البيت ...... .
إلى أن
قال .. : فلما أمر الله إبراهيم ، أن يبني البيت ، لم يدر في أي مكان يبنيه
.
فبعث الله : جبرائيل ، و خط له موضع البيت .
إلى أن قال ... : فبنى إبراهيم البيت ، و نقل إسماعيل
( الحجر ) من ذي طوى .
فرفعه ( حائط البيت ) : في السماء تسعة أذرع .
ثم دله : على موضع الحجر ، فاستخرجه إبراهيم ، و وضعه
في موضعه الذي هو فيه الآن .
فلما بنى : جعل له بابين
، بابا إلى الشرق ، و بابا إلى
الغرب .
و الباب : الذي إلى الغرب ، يسمى المستجار .
ثم ألقى عليه : الشجر ، و الإذخر ، و
ألقت هاجر على بابها كساء كان معها ، و كانوا يكونون تحته .
فلما بنى : و فرغ منه ، حج
إبراهيم و إسماعيل .
و نزل عليهما : جبرائيل ، يوم التروية ، لثمان من ذي الحجة
.
فقال : يا
إبراهيم ، قم ، و ارتو من الماء ، لأنه لم يكن بمنى و عرفات ماء .
فسميت : التروية لذلك
.
ثم أخرجه : إلى منى فبات بها ، ففعل به ما فعل بآدم .
فقال إبراهيم عليه السلام : لما فرغ من بناء البيت :
{ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِن وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ...} الآية .
قال عليه السلام : من ثمرات القلوب ، أي حببهم إلى الناس ،
ليستأنسوا بهم ، و يعودوا إليهم .
أقول :
هذا : الذي لخصناه ، من أخبار القصة .
هو الذي : تشتمل عليه الروايات الواردة في
خلاصة القصة ، و قد اشتملت عدة منه .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص290 .
++
( بيان خوارق العادة والإعجاز في بناء البيت
والحجر ونزول ما يماثلها من خزائنه تعالى )
و ورد في أخبار أخرى :
أن تاريخ : بناء البيت
، يتضمن أمورا خارقة للعادة .
ففي بعض الأخبار :
أن البيت : أول ما وضع ، كان قبة من نور
، نزلت على آدم .
و استقرت : في البقعة التي بنى إبراهيم عليها البيت ، و لم تزل حتى
وقع طوفان نوح .
فلما غرقت : الدنيا ، رفعه الله تعالى ، و لم تغرق البقعة ، فسمي لذلك
البيت العتيق .
و في بعض الأخبار :
أن الله : أنزل قواعد البيت ، من الجنة .
و في بعضها :
أن الحجر الأسود : نزل من الجنة ، و كان أشد بياضا من الثلج
، فاسود لما
مسته أيدي الكفار .
و في الكافي : أيضا عن أحدهما عليه السلام قال :
إن الله : أمر إبراهيم ببناء الكعبة ، و أن يرفع
قواعده ، و يري الناس مناسكهم .
فبنى : إبراهيم و إسماعيل البيت ، كل يوم ساق .
حتى
انتهى : إلى موضع الحجر الأسود .
و قال أبو جعفر عليه السلام :
فنادى أبو قبيس : أن لك عندي وديعة
، فأعطاه الحجر ، فوضعه موضعه .
و في تفسير العياشي : عن الثوري عن أبي جعفر عليه
السلام ، قال : سألته عن الحجر ؟
فقال عليه السلام : نزلت
ثلاثة أحجار من الجنة ، الحجر الأسود استودعه إبراهيم ، و مقام إبراهيم ، و حجر بني
إسرائيل .
و في بعض الأخبار : أن الحجر الأسود ، كان ملكا من الملائكة .
+
أقول :
و نظائر : هذه المعاني كثيرة ، واردة في أخبار العامة و الخاصة
.
و هي : و إن كانت
آحادا ، غير بالغة حد التواتر لفظا ، أو معنى .
لكنها : ليست بعادمة النظير في أبواب
المعارف الدينية ، و لا موجب لطرحها من رأس .
أما ما ورد : من نزول القبة على آدم ، و كذا سير إبراهيم إلى مكة بالبراق
.
و نحو ذلك
: مما هو كرامة ، خارقة لعادة الطبيعة .
فهي أمور : لا دليل على استحالتها .
مضافا إلى : أن الله سبحانه ، خص أنبياءه بكثير من هذه الآيات المعجزة ، و الكرامات الخارقة
.
و
القرآن : يثبت موارد كثيرة منها .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص291 .
و أما ما ورد : من نزول قواعد البيت من الجنة ، و نزول الحجر الأسود من الجنة ، و نزول
حجر المقام .
و يقال : إنه مدفون تحت البناء المعروف اليوم ، بمقام إبراهيم
، من الجنة ، و
ما أشبه ذلك .
فذلك : كما ذكرنا ، كثير النظائر .
و قد ورد : في عدة من النباتات و
الفواكه و غيرها ، أنها من الجنة .
و كذا ما ورد: أنها من جهنم ،
و من فورة الجحيم .
و من هذا الباب :
أخبار الطينة القائلة : إن طينة السعداء من الجنة
، و إن طينة الأشقياء من النار.
أو هما : من عليين ، و سجين .
و من هذا الباب أيضا
:
ما ورد : أن جنة البرزخ في بعض الأماكن الأرضية ، و نار البرزخ في بعض آخر
.
و أن
القبر : إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار .
إلى غير ذلك : مما يعثر
عليه المتتبع البصير ، في مطاوي الأخبار .
+
و هي كما ذكرنا : بالغة في الكثرة حدا .
ليس : مجموعها ، من حيث المجموع .
بالذي يطرح : أو يناقش في صدوره ، أو صحة انتسابه .
و إنما هو : من
إلهيات المعارف ، التي سمح بها القرآن الشريف .
و انعطف : إلى الجري على مسيرها الأخبار
، الذي يقضي به كلامه تعالى .
أن الأشياء :
التي : في هذه النشأة الطبيعية المشهودة .
جميعا : نازلة إليها من عند الله سبحانه .
فما كانت منها : خيرا جميل ، أو وسيلة خير ،
أو وعاء لخير .
فهو : من الجنة ، و إليها تعود .
و ما كان منها : شر ، أو وسيلة شر ، أو
وعاء لشر .
فهو : من النار ، و إليها ترجع .
قال تعالى : { وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ
إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)
} الحجر
.
أفاد : أن كل شيء موجود عنده تعالى .
وجودا : غير محدود بحد ، و لا مقدر بقدر .
و
عند التنزيل : و هو التدريج في النزول ، يتقدر بقدره ، و يتحدد بحده .
فهذا : على وجه
العموم ، و قد ورد بالخصوص أيضا .
أمثال قوله تعالى : { وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ
(6)
} الزمر .
و قوله تعالى : { وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ
(25) } الحديد .
و قوله تعالى : { وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما
تُوعَدُونَ (22) } الذاريات .
على ما سيجيء : من توضيح معناها إن شاء الله العزيز
.
فكل شيء : نازل إلى الدنيا ، من عند الله سبحانه .
و قد أفاد في كلامه : أن الكل رجوع
إليه سبحانه .
فقال : { وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى
(42) } النجم .
و قال
تعالى : { إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (8) } العلق .
قال : { هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ
(3) } المؤمن .
و قال تعالى : { أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ
(53) } الشورى .
إلى غير ذلك : من الآيات
الكثيرة .
و أفاد : أن الأشياء و هي بين بدئها و عودها .
تجري : على ما يستدعيه بدؤها .
و يحكم به :
حظها من السعادة و الشقاء ، و الخير و الشر .
فقال تعالى : { كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى
شاكِلَتِهِ (84) } إسراء .
و قال: َ { لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيه (148) } البقرة .
و سيجيء : توضيح دلالتها جميعا .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص292 .
و الغرض : هاهنا ، مجرد الإشارة إلى ما
يتم به البحث .
و هو أن : هذه الأخبار الحاكية .
عن كون : هذه الأشياء الطبيعية ، من الجنة ، أو من النار
.
إذا كانت : ملازمة لوجه السعادة أو الشقاوة ، لا تخلو عن وجه صحة
.
لمطابقتها : لأصول
قرآنية ثابتة في الجملة .
و إن لم يستلزم : ذلك ، كون كل واحد واحد صحيح ، يصح الركون
إليه .
فافهم : المراد .
++++++
( تقرير إشكال أن روايات نزول الحجر والبيت من الجنة خرافة )
و ربما قال القائل :
إن قوله تعالى : { وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ
مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ ... } .
الآية ظاهر : في أنهم ، هما اللذان بنيا هذا البيت
لعبادة الله تعالى ، في تلك البلاد الوثنية .
و لكن القصاصين : و من تبعهم من المفسرين
، جاءونا من ذلك ، بغير ما قصه الله تعالى علينا .
و تفننوا : في رواياتهم :
عن قدم
: البيت ، و عن حج آدم ، و عن ارتفاعه إلى السماء وقت الطوفان .
و عن كون : الحجر
الأسود من أحجار الجنة .
و قد أراد : هؤلاء القصاصون ، أن يزينوا الدين و يرقشوه
برواياتهم هذه .
و هذه التزيينات : بزخارف القول .
و إن أثرت : أثرها في قلوب العامة .
لكن : أرباب اللب و النظر من أهل العلم ، يعلمون .
أن الشرف : المعنوي ، الذي أفاضه الله
سبحانه ، بتكريم بعض الأشياء على بعض .
فشرف : البيت .
إنما هو : بكونه بيتا لله ، منسوبا
إليه .
و شرف : الحجر الأسود .
بكونه : موردا للاستلام ، بمنزلة يد الله سبحانه .
و أما كون
: الحجر ، في أصله ياقوتة ، أو درة ، أو غير ذلك .
فلا يوجب : مزية فيه ، و شرفا حقيقيا
له .
و ما الفرق : بين حجر أسود ، و حجر أبيض ، عند الله تعالى في سوق الحقائق
.
فشرف
: هذا البيت ، بتسمية الله تعالى إياه بيته .
و جعله : موضعا لضروب من عبادته ، لا تكون
في غيره ، كما تقدم .
لا بكون : أحجاره ، تفضل سائر الأحجار .
و لا بكون : موقعه ، تفضل سائر
المواقع ، و لا بكونه من السماء ، و عالم الضياء .
و كذلك : شرف الأنبياء ، على غيرهم من
البشر .
ليس لمزية : في أجسامهم ، و لا في ملابسهم .
و إنما هو : لاصطفاء الله تعالى
إياهم ، و تخصيصهم بالنبوة ، التي هي أمر معنوي .
و قد كان : أهل الدنيا أحسن زينة ،
و أكثر نعمة منهم .
قال : و هذه الروايات .
فاسدة : في تناقضها و تعارضها في نفسها .
و فاسدة : في عدم صحة
أسانيدها .
و فاسدة : في مخالفتها لظاهر الكتاب .
قال : و هذه الروايات .
خرافات : إسرائيلية ، بثها زنادقة اليهود في المسلمين
.
ليشوهوا : عليهم دينهم ، و ينفروا أهل الكتاب منه .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص293 .
+++
( رد أقوال المستشكل بوجوه :
أولها : الروايات إذا لم تخالف النقل والعقل لا ترد :)
أقول :
ما ذكره : لا يخلو من وجه في الجملة
.
إلا أنه : أفرط في المناقشة .
فاعترضه : من
خبط القول ، ما هو أردى و أشنع .
أما قوله : إن هذه الروايات فاسدة .
أولا : من جهة التناقض و التعارض .
و ثانيا : من جهة
مخالفة الكتاب .
+
ففيه :
أن التناقض : أو التعارض ، إنما يضر ، لو أخذ بكل واحد واحد منه
.
و
أما الأخذ : بمجموعها من حيث المجموع .
بمعنى : أن لا يطرح الجميع ، لعدم اشتمالها على ما
يستحيل عقلا ، أو يمنع نقلا .
فلا يضره : التعارض الموجود فيها .
و إنما نعني بذلك :
الروايات الموصولة إلى مصادر العصمة .
كالنبي صلى الله عليه وآله : و الطاهرين من أهل بيته
عليهم السلام .
و أما
غيرهم : من مفسري الصحابة ، و التابعين ، فحالهم حال غيرهم من الناس .
و حال : ما ورد من
كلامهم ، الخالي عن التناقض ، حال كلامهم المشتمل على التناقض .
و بالجملة :
لا موجب : لطرح
رواية ، أو روايات ، إلا إذا خالفت الكتاب ، أو السنة القطعية .
أو لاحت منها : لوائح
الكذب و الجعل ،.
كما لا حجية : إلا للكتاب ، و السنة القطعية ، في أصول المعارف الدينية
الإلهية .
فهناك : ما هو لازم القبول ، و هو الكتاب ، و السنة القطعية
.
و هناك : ما هو لازم الطرح
، و هو ما يخالفهما من الآثار .
و هناك : ما لا دليل على رده ، و لا على قبوله .
و هو :
ما لا دليل من جهة العقل على استحالته.
و لا من : جهة النقل أعني ، الكتاب و السنة
القطعية ، على منعه .
و به يظهر : فساد إشكاله .
بعدم صحة : أسانيدها ، فإن ذلك لا يوجب الطرح ، ما لم يخالف العقل
، أو النقل الصحيح .
+
و أما مخالفتها لظاهر قوله :
{ وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ ....} الآية
.
فليت
شعري : أن الآية الشريفة .
كيف : تدل على نفي ، كون الحجر الأسود من الجنة ؟
أم كيف : تدل على
نفي نزول قبة على البقعة ، في زمن آدم ، ثم ارتفاعها في زمن نوح ؟
و هل الآية : تدل على
أزيد من أن ، هذا البيت المبني من الحجر و الطين ، بناء إبراهيم ؟
و أي ربط له : إثباتا أو
نفيا ، بما تتضمنه الروايات ، التي أشرنا إليها .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص294 .
( ثانيا : الأمور المادية والاجتماعية لا
تتحكم ولا ترد المعنوية )
نعم : لا يستحسنه طبع هذا القائل ، و لا
يرتضيه رأيه .
لعصبية مذهبية : توجب نفي.
معنويات : الحقائق عن الأنبياء ، و اتكاء
الظواهر الدينية .
على
أصول : و أعراق معنوية .
أو لتبعية : غير إرادية ، للعلوم الطبيعية المتقدمة اليوم
.
حيث
تحكم : أن كل حادثة من الحوادث الطبيعية ، أو ما يرتبط بها أي ارتباط من المعنويات
.
يجب : أن يعلل بتعليل مادي ، أو ما ينتهي إلى المادة ، الحاكمة في جميع شئون الحوادث
، كالتعليمات الاجتماعية .
و قد كان من الواجب :
أن يتدبر : في أن العلوم الطبيعية .
شأنها : البحث عن خواص المادة و
تراكيبها .
و ارتباط : الآثار الطبيعية بموضوعاتها ، ذاك الارتباط الطبيعي .
و كذا العلوم
الاجتماعية :
إنما تبحث : عن الروابط الاجتماعية ، بين الحوادث الاجتماعية فقط .
و أما الحقائق الخارجة : عن حومة المادة ، و ميدان عمله
.
المحيطة : بالطبيعة و خواصها ، و
ارتباطاتها المعنوية غير المادية ، مع الحوادث الكونية .
و ما اشتمل : عليه عالمنا
المحسوس .
فهي : أمور خارجة ، عن بحث العلوم الطبيعية و الاجتماعية .
و لا يسعها : أن تتكلم
فيه ، أو تتعرض لإثباته ، أو تقضي بنفيها .
فالعلوم الطبيعية : إنما يمكنها أن تقضي .
أن
البيت : يحتاج في الطبيعة ، إلى أجزاء من الطين و الحجر .
و إلى بان : يبنيه ، و يعطيه
بحركاته و أعماله ، هيئة البيت .
أو كيف : تتكون الحجرة من الأحجار السود .
و كذا الأبحاث
الاجتماعية :
تعين : الحوادث الاجتماعية ، التي أنتجت بناء إبراهيم للبيت .
و هي : جمل من
تاريخ حياته ، و حياة هاجر ، و إسماعيل ، و تاريخ ، تهامة ، و نزول جرهم ، إلى غير
ذلك .
و أما أنه : ما نسبة هذا الحجر مثلا ، إلى الجنة أو النار الموعودتين .
فليس : من
وظيفة هذه العلوم ، أن تبحث عنها ، أو تنفي ما قيل ، أو يقال فيها .
و قد عرفت : أن
القرآن الشريف .
هو الناطق : بكون هذه الموجودات ، الطبيعية المادية .
نازلة : إلى مقرها و
مستقرها ، من عند الله سبحانه .
ثم راجعة : إليه ، متوجهة نحوه .
إما : إلى جنة ، إما إلى نار .
و هو الناطق : بكون الأعمال .
صاعدة : إلى الله ، مرفوعة نحوه ، نائلة إياه .
مع أنها
: حركات ، و أوضاع طبيعية ، تألفت تألفا اعتباريا اجتماعيا ، من غير حقيقة تكوينية
.
قال
تعالى : { وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ (37) } الحج ، و التقوى فعل ، أو
صفة حاصلة من فعل .
و قال تعالى : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ
الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10) } الفاطر .
فمن الواجب : على الباحث الديني ، أن
يتدبر في هذه الآيات .
فيعقل : أن المعارف الدينية .
لا مساس لها : مع الطبيعيات و
الاجتماعيات ، من جهة النظر الطبيعي و الاجتماعي على الاستقامة .
و إنما اتكاءها : و
ركونها
، إلى حقائق و معان ، وراء ذلك .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص295 .
( ثالثا : شرف البيت والحجر حقيقي وليس
اعتباري )
و أما قوله : إن شرف الأنبياء و المعاهد .
و الأمور : المنسوبة إليهم ، كالبيت و الحجر
الأسود .
ليس شرفا : ظاهريا ، بل شرف معنوي ، ناش عن التفضيل الإلهي .
فكلام : حق .
لكن يجب : أن
يفهم منه حق المعنى ، الذي يشتمل عليه .
فما هذا الأمر : المعنوي ، الذي يتضمن الشرافة ؟
فإن كان :
من المعاني : التي تعطيها الاحتياجات الاجتماعية لموضوعاتها و موادها
.
نظير
: الرتب و المقامات ، التي تتداولها الدول و الملل .
كالرئاسة : و القيادة في الإنسان ، و
غلاء القيمة في الذهب و الفضة ، و كرامة الوالدين ، و حرمة القوانين و النواميس .
فإنما
هي : معان يعتبرها الاجتماعات ، لضرورة الاحتياج الدنيوي .
لا أثر منها : في خارج الوهم ، و
الاعتبار الاجتماعي .
و من المعلوم : أن الاجتماع الكذائي ، لا يتعدى عالم الاجتماع
، الذي صنعته الحاجة الحيوية .
و الله عز سلطانه : أقدس ساحة .
من أن يتطرق : إليه ، هذه
الحاجة الطارقة على حياة الإنسان .
و مع ذلك : فإذا جاز أن يتشرف النبي بهذا الشرف
، غير الحقيقي .
فليجز : أن يتشرف بمثله بيت أو حجر .
و إن كان :
هذا الشرف : حقيقيا واقعيا.
من قبيل : النسبة بين النور و الظلمة ، و العلم و الجهل ، و العقل و السفه .
بأن كان
: حقيقة وجود النبي ، غير حقيقة وجود غيره .
و إن كانت : حواسنا الظاهرية ، لا تنال ذلك .
و هو
اللائق : بساحة قدسه من الفعل و الحكم .
كما قال الله تعالى : { وَ ما خَلَقْنَا
السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما
إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (39) } الدخان .
و سيجيء : بيانه .
كان ذلك : عائدا إلى نسبة حقيقية معنوية ـ غير مادية
ـ إلى ما وراء الطبيعة .
فإذا جاز
: تحققها في الأنبياء بنحو .
فليجز تحققها : في غير الأنبياء ، كالبيت
، و الحجر ، و نحوهما .
و
إن وقع : التعبير عن هذه النسب ، الحقيقية المعنوية .
بما ظاهره : المعاني المعروفة عند
العامة ، التي اصطلحت عليه أهل الاجتماع .
و ليت شعري : ما ذا يصنعه هؤلاء
.
في الآيات : التي تنطق بتزيين الجنة ، و تشريف أهلها
بالذهب و الفضة .
و هما فلزان : ليس لهما من الشرف
، إلا غلاء القيمة ، المستندة إلى عزة
الوجود ؟
فما ذا يراد : من تشريف أهل الجنة بهما ؟
و ما الذي : يؤثره معنى الثروة في
الجنة ، و لا معنى للاعتبار المالي في الخارج من ظرف الاجتماع ؟
فهل : لهذه البيانات
الإلهية ، و الظواهر الدينية وجه ؟
غير أنها : حجب من الكلام ، و أستار وراءها أسرار
.
فلئن
جاز : أمثال هذه البيانات ، في أمور نشأة الآخرة .
فليجز : نظيرتها ، في بعض الأمور نشأة الدنيا .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص296 .
++++++
( تحقيق رائق عميق في أن الأمة المسلمة نبي الرحمة
وآله )
و في تفسير العياشي : عن الزبيري عن أبي عبد الله عليه
السلام قال :
قلت له : أخبرني عن أمة
محمد صلى الله عليه وآله ، من هم ؟
قال عليه السلام : أمة محمد صلى الله عليه وآله ، بنو هاشم خاصة
.
قلت : فما الحجة ، في أمة محمد ، أنهم
أهل بيته الذين ذكرت ، دون غيرهم ؟
قال عليه السلام : قول الله : {
وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ
الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّ ، إِنَّكَ
أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ
وَ مِنْ
ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ
وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا
إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } .
فلما أجاب الله : إبراهيم و إسماعيل
.
و جعل : من ذريتهما أمة مسلمة ، و بعث فيها رسولا منهم
.
يعني : من تلك الأمة .
يتلو عليهم : آياته ، و
يزكيهم ، و يعلمهم الكتاب و الحكمة .
و ردف : دعوته الأولى ، دعوته الأخرى .
فسأل لهم : تطهيرا
من الشرك ، و من عبادة الأصنام .
ليصح أمره : فيهم ، و لا يتبعوا غيرهم .
فقال عليه السلام : { وَإِذْ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا
وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن
نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35)
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ
فَمَن تَبِعَنِي
فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي
فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (36) } إبراهيم .
ففي هذا : دلالة على أنه ، لا يكون الأئمة ، و الأمة المسلمة
التي بعث فيها محمدا ، إلا من ذرية إبراهيم .
لقوله : { وَاجْنُبْنِي
وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35)
}.
+
أقول :
استدلاله عليه السلام : في غاية الظهور
.
فإن إبراهيم عليه السلام : إنما سأل أمة مسلمة ، من ذريته
خاصة .
و من المعلوم : من ذيل دعوته : { رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ
} . انتهى .
أن هذه الأمة : المسلمة ، هي أمة محمد .
لكن :
لا أمة : محمد ، بمعنى الذين بعث إليهم .
و
لا أمة : محمد ، بمعنى من آمن بنبوته .
فإن هذه الأمة : أعم من ذرية إبراهيم و إسماعيل .
بل
أمة مسلمة : هي من ذرية إبراهيم عليهم السلام .
ثم سأل ربه : أن يجنب و يبعد ، ذريته و بنيه ، من الشرك
و الضلال .
و هي : العصمة .
و من المعلوم : أن ذرية إبراهيم و إسماعيل .
و هم : عرب مضر أو
قريش خاصة ، فيهم ضال و مشرك .
فمراده : من بنيه .
في قوله : { وَ بَنِيَّ
} .
أهل العصمة : من
ذريته خاصة .
و هم النبي : و عترته الطاهرة
.
فهؤلاء : هم أمة محمد صلى الله عليه وآله ، في دعوة إبراهيم
عليه السلام .
و لعل : هذه النكتة .
هي الموجبة : للعدول ، عن لفظ الذرية
، إلى لفظ البنين .
و يؤيده
قوله : { فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ ...(36) } إبراهيم .
حيث أتى : بفاء التفريع ، و أثبت من تبعه جزءا من نفسه
.
و سكت : عن غيرهم .
كأنه : ينكرهم ، و
لا يعرفهم ، هذا .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص297 .
و قوله عليه السلام : فسأل لهم تطهيرا
من الشرك ، و من عبادة الأصنام .
إنما سأل إبراهيم عليه السلام : التطهير من عبادة الأصنام
.
إلا أنه عليه السلام : علله بالضلال .
فأنتج : سؤال التطهير
، من جميع الضلال من عبادة الأصنام ، و من أي شرك حتى المعاصي .
فإن كل معصية : شرك ، كما
مر بيانه .
في قوله تعالى : { صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
(6) } فاتحة
الكتاب .
و قوله عليه السلام :
ففي هذا : دلالة على أنه ، لا يكون الأئمة
، و الأمة المسلمة
التي بعث فيها محمدا ، إلا من ذرية إبراهيم .
أي إنهما
: واحد ، و هما من ذرية إبراهيم ، كما مر بيانه .
++
( رد إشكال بأن المراد بالأمة جميعها وأنه
اصطلاح مستحدث لا دليل له )
فإن قلت :
لو كان : المراد بالأمة ، في هذه الآيات و نظائرها
.
كقوله تعالى : { كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) } ، آل عمران .
عدة معدودة : من الأمة
، دون الباقين.
كان لازمه : المجاز في الكلام .
من غير : موجب يصحح ذلك ، و لا مجوز لنسبة ذلك
، إلى كلامه تعالى .
على أن كون : خطابات القرآن ، متوجهة إلى جميع الأمة
، ممن آمن بالنبي
.
ضروري : لا يحتاج إلى إقامة حجة .
+
قلت :
إطلاق : أمة محمد
، و إرادة جميع من آمن بدعوته .
من الاستعمالات : المستحدثة .
بعد نزول
: القرآن ، و انتشار الدعوة الإسلامية .
و إلا فالأمة : بمعنى القوم .
كما قال تعالى : { عَلى
أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَ أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ (48) } هود .
و ربما أطلق : على الواحد .
كقوله تعالى : { إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ
(120) } النحل .
و على هذا : فمعناها من حيث السعة و الضيق .
يتبع : موردها ، الذي استعمل فيه لفظه ،
أو أريد فيه معناه .
فقوله تعالى : { رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا
أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ...} الآية .
و المقام : مقام الدعاء ، بالبيان الذي تقدم .
لا يراد به :
إلا عدة معدودة ، ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم .
و كذا قوله : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ } .
و هو : في مقام الامتنان ، و تعظيم القدر ، و ترفيع الشأن
.
لا يشمل : جميع الأمة .
و كيف يشمل : فراعنة هذه الأمة ، و دجاجلتها .
الذين : لم يجدوا للدين أثرا ، إلا عفوه و محوه
.
و لا لأوليائه : عظما ، إلا كسروه .
و سيجيء : تمام البيان في الآية ، إن شاء الله .
فهو : من
قبيل قوله تعالى ، لبني إسرائيل : { وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ
(47) }
البقرة .
فإن منهم : قارون ، و لا
تشمله الآية قطعا .
كما أن قوله تعالى : { وَ قالَ
الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا (30) }
الفرقان .
لا يعم : جميع هذه الأمة .
و فيهم : أولياء القرآن ، و رجال لا تلهيهم تجارة و
لا بيع عن ذكر الله تعالى .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص298 .
و أما قوله تعالى : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ ، وَ لَكُمْ ما
كَسَبْتُمْ وَ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (134) } البقرة
.
فالخطاب
فيه : متوجه إلى جميع الأمة ، ممن آمن بالنبي ، أو من بعث إليه .
+++++++
بحث علمي : معنى قصة إبراهيم و سر تشريع الحج :
إذا رجعنا : إلى قصة إبراهيم عليه السلام .
و سيره : بولده و حرمته ، إلى أرض مكة ، و إسكانهما هناك
.
و ما جرى : عليهما من الأمر ، حتى آل الأمر ، إلى ذبح إسماعيل
، و فدائه من جانب الله ، و
بنائهما البيت .
وجدنا القصة :
دورة كاملة : من السير العبودي
.
الذي : يسير به العبد ، من
موطن نفسه إلى قرب ربه .
و من أرض : البعد ، إلى حظيرة القرب ، بالإعراض عن زخارف الدنيا ،
و ملاذها .
و أمانيها : من جاه ، و مال ، و نساء ، و أولاد .
و الانقلاع : و التخلص ، عن
وسائس الشياطين .
و تكديرهم : صفو الإخلاص ، و الإقبال ، و التوجه إلى مقام الرب و دار
الكبرياء .
فها هي : وقائع متفرقة
، مترتبة تسلسلت .
و تألفت : قصة تاريخية .
تحكي : عن سير عبودي ، من العبد
إلى الله سبحانه .
و تشمل : من أدب السير ، و الطلب ، و الحضور ، و رسوم الحب
.
و الوله : و
الإخلاص .
على أن : كلما زدت في تدبرها إمعانا ، زادك استنارة و لمعان .
ثم : إن الله سبحانه ، أمر خليله إبراهيم عليه السلام
.
أن يشرع : للناس ، عمل الحج .
كما قال : { وَ
أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ
مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ..... (27) } الحج ، إلى آخر الآيات.
ما شرعه : و
إن لم يكن معلوما لنا ، بجميع خصوصياته .
لكنه كان : شعارا دينيا ، عند العرب في الجاهلية
.
إلى أن بعث الله : النبي صلى الله عليه وآله ، و شرع فيه ما شرع
.
و لم يخالف فيه : ما شرعه إبراهيم ، إلا
بالتكميل ، كما يدل عليه .
قوله تعالى : { قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفا ... (161) } الأنعام
.
و قوله
تعالى : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوح وَ
الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى ، وَ عِيسى (13)
} الشورى .
و كيف كان :
فما شرعه : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، من نسك الحج
.
المشتمل : على الإحرام ، و الوقوف بعرفات ، و مبيت المشعر
، و التضحية ، و رمي الجمرات ، و السعي بين الصفا و المروة ، و الطواف
، و الصلاة بالمقام .
تحكي : قصة إبراهيم .
و تمثل : مواقفه ، و مواقف أهله و مشاهدهم .
و يا
لها : من مواقف طاهرة إلهية .
القائد إليها : جذبة الربوبية .
و السائق : نحوها ، ذلة العبودية
.
و العبادات :المشروعة ، على مشرعيها أفضل السلام
.
صور : لمواقف الكملين من الأنبياء من
ربهم .
و تماثيل : تحكي عن مواردهم و مصادرهم ، في مسيرهم إلى مقام القرب و الزلفى
.
كما قال تعالى : { لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (21) }
الأحزاب .
و هذا : أصل .
و في الأخبار : المبينة لحكم العبادات ، و أسرار جعلها و تشريعها
.
شواهد : كثيرة على هذا
المعنى ، يعثر عليها المتتبع البصير .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص299 .
( سيأتي إن شاء الله : في تفسير الآيات 130- 134من سورة البقرة ، معنى الرغبة
والاصطفاء وتحقيق لطيف للالتفات من التكلم للغيبة ، وبيان معنى الإسلام مراتب
الإسلام و الإيمان الأربعة ، مع بيان منهم الصالحين الذين طلب إبراهيم اللحوق بهم ،
ببيان أولا : أنواع الصلاح العملي و الذاتي ومراتبهما ،و ثانيا : إبراهيم كان صالحا
وطلب مرتبة عالية وأجابه الله في الجنة ، و ثالثا : أن مرتبة الصلاح العليا هي
ولاية نبي الرحمة وآله وألحق بهم ، ثم بيان أن دين إبراهيم وبنيه من إسماعيل وإسحاق
وبينهم الإسلام .
وبحث روائي : مراتب الإسلام والإيمان وتفصيل المرتبة الرابعة ، وبيان أصول متفرعة
على مراتب الإيمان والإسلام ومعنى الصلاح )
http://www.alanbare.com/almezan