بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
الميزان في تفسير القرآن
 للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تفسير سورة البقرة [ 2 ] وهي  [ 286 ] آية
تفسير الآيات من 118 إلى 119 و من 120-123 .
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص 263 .

الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي رحمه الله : تفسير سورة البقرة الآيات 118 - 123
 ملاحظة : ما بين القوسين (  ) الهلاليين شرح من معد الصفحة وليس من التفسير .
سواء : عنوان ، أو غيره ، في داخل التفسير أو بعده ، كتب من معد الصفحة أو لا .

سورة البقرة من  118 -  119 ، و 120 - 123.

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
 

 
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{ وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ  لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ 
كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ
قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً
وَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (119) } .

( و في تفسير الآيات 118 - 123 من سورة البقرة ، بيان معنى الآيات ، و تشابه أهل الكتاب والكفار بالقول ، وتطييب نفس النبي بأنه مبشرا ورسولا ، و معنى إن لم ترضى اليهود والنصارى عن رسول الله فليس لهم من الهدى شيء ، و بحث روائي في معنى يتلون الكتاب حق تلاوته )
 

بيان : (معنى الآيات وتشابه أهل الكتاب والكفار بالقول وتطييب نفس النبي )
قوله تعالى : { وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } .
هم : المشركون ، غير أهل الكتاب .
و يدل عليه : المقابلة السابقة .
في قوله تعالى : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ  ... (113)} البقرة.
ففي تلك الآية : ألحق أهل الكتاب في قولهم ، بالمشركين و الكفار من العرب .
و في هذه الآية : ألحق المشركين و الكفار ، بهم .
فقال : { وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ  كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ }.
و هم : أهل الكتاب و اليهود من بينهم .
حيث : اقترحوا بمثل هذه الأقاويل ، على نبي الله موسى عليه السلام .
فهم : و الكفار ، متشابهون في أفكارهم و آرائهم .
 يقول : هؤلاء ، ما قاله أولئك و بالعكس ، تشابهت قلوبهم .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص264 .

قوله تعالى : { قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } .
جواب : عن قول الذين لا يعلمون .
و المراد : أن الآيات التي يطالبون بها ، مأتية ، مبينة .
و لكن : لا ينتفع بها ، إلا قوم يوقنون بآيات الله .
و أما هؤلاء : الذين لا يعلمون ، فقلوبهم محجوبة ، بحجاب الجهل ، مئوفة بآفات العصبية و العناد .
و ما تغني : الآيات ، عن قوم لا يعلمون .
و من هنا : يظهر وجه ، توصيفهم بعدم العلم .

ثم أيد ذلك :
بتوجيه الخطاب : إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
 و الإشعار : بأنه مرسل من عند الله بالحق ، بشيرا و نذير .
فلتطب به : نفسه .
و ليعلم : أن هؤلاء أصحاب الجحيم ، مكتوب عليهم ذلك ، لا مطمع في هدايتهم و نجاتهم .

قوله تعالى : { وَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ }.
 يجري مجرى قوله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) } البقرة  .

الميزان في تفسير القرآن ج1ص265
 

 


 

======
+++
======

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{ وَ لَنْ تَرْضى‏ عَنْكَ الْيَهُودُ وَ لا النَّصارى‏ حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ
قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى‏
وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ (120)
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (121)
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (122)
وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ (123) }
 


بيان : ( إن لم ترضى اليهود والنصارى عن رسول الله فليس لهم من الهدى شيء )
قوله تعالى : { وَ لَنْ تَرْضى‏ عَنْكَ الْيَهُودُ وَ لَا النَّصارى‏ ... } .
 رجوع : إلى الطائفتين ، بعد الالتفات إلى غيرهم .
و هو بمنزلة : جمع أطراف الكلام ، على تفرقها و تشتته .
فكأنه : بعد هذه الخطابات و التوبيخات لهم ، يرجع إلى رسوله .
و يقول له : هؤلاء ليسوا براضين عنك ، حتى تتبع ملتهم .
التي : ابتدعوها بأهوائهم ، و نظموها بآرائهم .
ثم أمره : بالرد عليهم .
بقوله : { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى‏ }.
أي : إن الإتباع ، إنما هو لغرض الهدى ، و لا هدى إلا هدى الله .
و الحق : الذي يجب أن يتبع .
و غيره : و هو ملتكم ، ليس بالهدى .
فهي : أهواؤكم ، ألبستموها لباس الدين ، و سميتموها باسم الملة .

ففي قوله : { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ ...} .
جعل الهدى : كناية عن القرآن النازل .
ثم أضيف : إلى الله ، فأفاد صحة الحصر .
في قوله : { إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى‏ } .
على طريق : قصر القلب .
و أفاد ذلك : خلو ملتهم عن الهدى .
و أفاد ذلك : كونها أهواء لهم .
و استلزم ذلك : كون ما عند النبي علم ، و كون ما عندهم جهل .
و اتسع المكان : لتعقيب الكلام .
بقوله : { وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ (120) } .

 فانظر : إلى ما في هذا الكلام .
من أصول : البرهان العريقة .
و وجوه : البلاغة .
على إيجازه : و سلاسة البيان ، و صفائه .

قوله تعالى : { الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ } .
يمكن : أن تكون الجملة ، بقرينة الحصر .
المفهوم من قوله : { أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } .
جوابا : للسؤال المقدر ، الذي يسوق الذهن إليه .


قوله تعالى : { وَ لَنْ تَرْضى‏ عَنْكَ الْيَهُودُ وَ لَا النَّصارى‏ .....} .
و هو : أنهم إذا لم يكن مطمع في إيمانهم ، فمن ذا الذي يؤمن منهم ؟
و هل : توجيه الدعوة إليهم باطل لغو ؟

فأجيب : بأن الذين آتيناهم الكتاب ، و الحال أنهم يتلونه حق تلاوته .
أولئك : يؤمنون بكتابهم ، فيؤمنون بك .
أو أن : أولئك يؤمنون بالكتاب ، كتاب الله المنزل ، أيا ما كان .
أو أن : أولئك يؤمنون بالكتاب الذي هو القرآن .

 و على هذا : فالقصر .
في قوله : { أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } .
قصر : إفراد .
و الضمير في قوله : { بِهِ } ، على بعض التقادير ، لا يخلو عن استخدام .

و المراد :
بالذين : أوتوا الكتاب ، قوم من اليهود و النصارى .
ليسوا : متبعين للهوى ، من أهل الحق منهم .
و بالكتاب : التوراة و الإنجيل .

و إن كان : المراد بهم ( بالذين أوتوا الكتاب ) .
المؤمنين : برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
 و بالكتاب : القرآن .
فالمعنى : إن الذين آتيناهم القرآن ، و هم يتلونه حق تلاوته .
أولئك : يؤمنون بالقرآن ، لا هؤلاء المتبعون لأهوائهم .
فالقصر : حينئذ ، قصر قلب .

قوله تعالى : { يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا ..... } إلى آخر الآيتين .
إرجاع : ختم الكلام إلى بدئه ، و آخره إلى أوله .
و عنده : يختتم ، شطر من خطابات بني إسرائيل .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص266
 

+++++


بحث روائي : ( في معنى يتلون الكتاب حق تلاوته )
في إرشاد الديلمي : عن الصادق عليه السلام .
 في قوله : { الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ }.
 قال عليه السلام :
يرتلون : آياته ، و يتفقهون به ، و يعملون بأحكامه .
و يرجون : وعده ، و يخافون وعيده ، و يعتبرون بقصصه .
و يأتمرون : بأوامره ، و ينتهون بنواهيه .

ما هو و الله : حفظ آياته ، و درس حروفه ، و تلاوة سورة ، و درس أعشاره و أخماسه .
حفظوا : حروفه ، و أضاعوا حدوده .
و إنما هو : تدبر آياته ، و العمل بأحكامه .
قال الله تعالى : { كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ (29) } ص.
 

و في تفسير العياشي : عن الصادق عليه السلام .
في قول الله عز و جل : { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ } .
قال عليه السلام : الوقوف عند الجنة و النار .
أقول : و المراد به التدبر .

و في الكافي :  عنه عليه السلام في الآية .
قال عليه السلام : هم الأئمة .
أقول : و هو من باب الجري و الانطباق ، على المصداق الكامل‏ .

 

( وسيأتي إن شاء الله : تفسير الآية 124 من سورة البقرة : ببيان وتحقيق عميق واسع لمعنى الإمامة و إثبات أمهات مسائلها ، و مجمل شأن نزول الآية ، و تحقيق وقوع قصة جعل الإمام لإبراهيم وذريته عليهم السلام في آخر عمره ، و بيان معنى الابتلاء وهو الاختبار والامتحان ، و معنى الكلمات وتمامهن في القرآن الكريم تحقق متعلقها في الخارج ، و لا ينافي كون قوله سبحانه فعله أن الكلمات وتمامها أن تتحقق بالخارج ، و المراد بالكلمات وإن إبراهيم أتمهن إتيانه ما أريد منه ، ورد معاني قيلت في تفسير معنى الإمامة بالنبوة والرسالة والخلافة .. وبيان بطلانها ، و بيان الحق في معنى الإمامة وهي الهداية التي تقع بأمر الله ، وإن الإمام يهدي بأمر ملكوتي يصاحبه لصبره ويقينه وله ولاية على العباد ، والإمام يسير بالعباد إلى الله في الدنيا والآخرة وهو مهتدي بنفسه ، ويستنتج أن الإمام مهتدي فعال للخيرات بوحي وتأييد إلهي دون غيره ، و تحقيق أن الظالمين في الآية مطلق من صدر منه ظلم ، و قد ظهر مما تقدم من البيان أمور سبعة ، و جواب إشكال إن النبوة ملازمة للإمامة ، و الإمامة والهداية بأمر الله للنبي إبراهيم ولبعض ذريته وعقبه دائمة .
و بحث روائي : في مراتب ومقامات إبراهيم عليه السلام ، وبيان معنى العبودية واتخذ الله إبراهيم عبدا وتوليه ، و معنى أنه أتخذه نبيا ورسولا وخليلا وإماما ، و أنه لا يكون السفيه والظالم إمام التقي ) .

 

 

 

http://www.alanbare.com/almezan
 الميزان في تفسير الميزان
للعلامة محمد حسين الطباطبائي قدس الله نفسه الزكية
استخرج التفسير الموضوعي منه ورتب فهارسه
 وأعد الصفحة للإنترنيت

خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين