بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
الميزان في تفسير القرآن
 للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تفسير سورة البقرة [ 2 ] وهي  [ 286 ] آية
تفسير الآيات من 116 إلى 117 .
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص 261 .

الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي رحمه الله : تفسير سورة البقرة الآيات 116 - 117
 ملاحظة : ما بين القوسين (  ) الهلاليين شرح من معد الصفحة وليس من التفسير .
سواء : عنوان ، أو غيره ، في داخل التفسير أو بعده ، كتب من معد الصفحة أو لا .

سورة البقرة من  116 - 117 .

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
 

 
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{ وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ
بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (116)
 بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) }

( تفسير الآيات : 116 - 117 من سورة البقرة ، وفيها بيان : نفي الولد عنه تعالى ، و معنى سبحانه والقنوت والبديع ، و بحث روائي وتحقيق معنى أنه تعالى بديع ، و بحث علمي و فلسفي : في تميز الذوات وجودا ، و بداعة الإيجاد ) .
 

 بيان : نفي الولد عنه تعالى :
قوله تعالى : { وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً } .
يعطي السياق : أن المراد بالقائلين بهذه المقالة ، هم اليهود و النصارى .
إذ قالت اليهود : عزير ابن الله .
 و قالت النصارى : المسيح ابن الله .
فإن وجه الكلام : مع أهل الكتاب .
و إنما قال : أهل الكتاب هذه الكلمة .
أعني قولهم : اتخذ الله ولدا ، أول ما قالوها تشريفا لأنبيائهم .
كما قالوا : نحن أبناء الله و أحباؤه .
ثم تلبست : بلباس الجد و الحقيقة .

فرد الله سبحانه : عليهم ، في هاتين الآيتين .
فأضرب : عن قولهم .
بقوله : { بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ .....} .
 و يشتمل : على برهانين .
 ينفي : كل منهما ، الولادة ، و تحقق الولد منه سبحانه .
+
فإن : اتخاذ الولد .
 هو أن : يجزئ موجود طبيعي ، بعض أجزاء وجوده ، و يفصله عن نفسه .
فيصيره : بتربية تدريجية ، فردا من نوعه ، مماثلا لنفسه .
و هو سبحانه : منزه عن المثل .
بل  : كل شي‏ء مما في السموات و الأرض .
مملوك له : قائم الذات به ، قانت .
ذليل عنده : ذلة وجودية .
فكيف : يكون شي‏ء من الأشياء ، ولدا له ، مماثلا نوعيا بالنسبة إليه ؟!
++
 و هو سبحانه : بديع السموات و الأرض .
إنما يخلق : ما يخلق ، على غير مثال سابق .
فلا يشبه : شي‏ء من خلقه ، خلقا سابق .
و لا يشبه : فعله ، فعل غيره ، في التقليد و التشبيه ، و لا في التدريج ، و التوصل بالأسباب .
إذا قضى أمرا : فإنما يقول له كن فيكون ، من غير مثال سابق ، و لا تدريج .
فكيف : يمكن أن ينسب إليه ، اتخاذ الولد ؟
و تحققه : يحتاج إلى تربية و تدريج .
+
فقوله : { لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ } .
برهان : تام .
و قوله : { بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } .
برهان آخر : تام ، هذا .
+
و يستفاد من الآيتين :
أولا : شمول حكم العبادة ، لجميع المخلوقات ، مما في السموات و الأرض .
و ثانيا : أن فعله تعالى ، غير تدريجي .
+
و يستدرج : من هنا .
 أن كل : موجود تدريجي ، فله وجه غير تدريجي ، به يصدر عنه تعالى .
كما قال تعالى : { إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) } يس  .
و قال تعالى : { وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) } القمر  .
و تفصيل القول : في هذه الحقيقة القرآنية ، سيأتي إن شاء الله .
في ذيل قوله : { إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئا (82) } يس  فانتظر .
الميزان في تفسير القرآن ج1ص262 .
++


( معنى سبحانه والقنوت والبديع )
قوله تعالى : { سُبْحانَهُ } .
مصدر : بمعنى التسبيح .
و هو : لا يستعمل إلا مضافا .
و هو : مفعول مطلق ، لفعل محذوف .
أي : سبحته تسبيحا .
 فحذف : الفعل ، و أضيف المصدر إلى الضمير المفعول ، و أقيم مقامه .
و في الكلمة : تأديب إلهي بالتنزيه فيما يذكر فيه ما لا يليق بساحة قدسه تعالى و تقدس .

قوله تعالى :
{ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ } .
 القنوت : العبادة ، و التذلل .

قوله تعالى : { بَدِيعُ السَّماواتِ } .
 بداعة الشيء :  كونه لا يماثل غيره ، مما يعرف و يؤنس به .

قوله تعالى : { فَيَكُونُ } .
 تفريع : على قول : { كن } .
و ليس : في مورد الجزاء ، حتى يجزم .

 

======
+++
======



بحث روائي : ( وتحقيق معنى أنه تعالى بديع )
في الكافي : و البصائر ، عن سدير الصيرفي قال :
سمعت : عمران بن أعين ، يسأل أبا جعفر عليه السلام .
 عن قول الله تعالى : { بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ }.
 فقال أبو جعفر عليه السلام :
إن الله عز و جل : ابتدع الأشياء كلها بعلمه ، على غير مثال كان قبله .
فابتدع : السماوات و الأرضين ، و لم يكن قبلهن سماوات و لا أرضون .
أ ما تسمع لقوله : { وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ } .

 أقول :
و في الرواية : استفادة أخرى لطيفة .
و هي : أن المراد بالماء .
في قوله تعالى : { وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ (7) } هود  .
غير المصداق : الذي عندنا من الماء .
بدليل : أن الخلقة مستوية على البداعة .
و كانت : السلطنة الإلهية ، قبل خلق هذه السماوات و الأرض .
مستقرة : مستوية ، على الماء .
فهو : غير الماء .
و سيجي‏ء : تتمة الكلام ، في قوله تعالى : { وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ (7) } هود  .
 

 

======
+++
======

 

بحث علمي و فلسفي : تميز الذوات وجودا و بداعة الإيجاد :
دلت التجارب : على افتراق ، كل موجودين في الشخصيات .
و إن كانت : متحدة في الكليات .
حتى : الموجودان اللذان ، لا يميز الحس ، جهة الفرقة بينهما .
فالحس المسلح : يدرك ذلك منهم .

و البرهان الفلسفي : أيضا يوجب ذلك .
فإن المفروضين : من الموجودين .
لو لم : يتميز أحدهما عن الآخر بشي‏ء ، خارج عن ذاته .
كان سبب : الكثرة المفروضة ، غير خارج من ذاتهما .
فتكون : الذات صرفة غير مخلوطة .
و صرف الشيء : لا يتثنى و لا يتكرر .
فكان : ما هو المفروض كثيرا ، واحدا غير كثير .
هذا : خلف .

فكل موجود : مغاير الذات ، لموجود آخر .
فكل موجود : فهو بديع الوجود ، على غير مثال سابق ، و لا معهود .
و الله سبحانه : هو المبتدع ، بديع السماوات و الأرض .

الميزان في تفسير القرآن ج1ص263 .
 

( وسيأتي إن شاء الله : في تفسير الآيات 118 - 123 من سورة البقرة ، بيان معنى الآيات ، و تشابه أهل الكتاب والكفار بالقول ، وتطييب نفس النبي بأنه مبشرا ورسولا ، و معنى إن لم ترضى اليهود والنصارى عن رسول الله فليس لهم من الهدى شيء ، و بحث روائي في معنى يتلون الكتاب حق تلاوته )

 

 

 

 

http://www.alanbare.com/almezan
 الميزان في تفسير الميزان
للعلامة محمد حسين الطباطبائي قدس الله نفسه الزكية
استخرج التفسير الموضوعي منه ورتب فهارسه
 وأعد الصفحة للإنترنيت

خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين