بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
الميزان في تفسير القرآن
 للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تفسير سورة  البقرة
إعداد للتفسير الموضوعي

سورة البقرة من 8-20

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
الم (1)

 
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   
   


تفسير سورة البقرة (2)
و هي : (286) مائتان و ست و ثمانون آية .
 الآيات 8 إلى 20 .
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص55.


( بعد أن عرفنا المتقين والكفار نتعرف على المنافقين في تفسير قوله تعالى )
{ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)
يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ (9)
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (10)

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)
 أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12)

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13)

 وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلى‏ شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14)
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)

 أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى‏ فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ (16)

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً
فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (17)
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18)

أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ
 فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَ اللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19)
 يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا
وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (20) } البقرة.
[سورة البقرة 2 : الآيات 8 إلى 20]
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص55.


بيان‏ :
قوله تعالى : { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ .... } إلى آخر الآيات .
الخدعة : نوع من المكر .
و الشيطان : هو الشرير ، و لذلك سمي إبليس شيطان .
و في الآيات : بيان حال المنافقين ، و سيجيء إن شاء الله تفصيل القول فيهم ، في سورة المنافقين ، و غيرها .

و قوله تعالى : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ....} .
مثل : يمثل به حالهم ، أنهم كالذي وقع في ظلمة عمياء .
لا يتميز فيها : خير من شر ، و لا نافع من ضار .
فتسبب لرفعها : بسبب من أسباب الاستضاءة .
 كنار يوقدها : فيبصر بها ما حولها ، فلما توقدت و أضاءت ما حولها .
أخمدها الله : بسبب من الأسباب ، كريح أو مطر أو نحوهما .
فبقي : فيما كان عليه من الظلمة .
و تورط : بين ظلمتين .
 ظلمة : كان فيها ، و ظلمة : الحيرة و بطلان السبب .
و هذه حال : المنافق .
يظهر الإيمان : فيستفيد بعض فوائد الدين ، باشتراكه مع المؤمنين في مواريثهم و مناكحهم و غيرهما .
حتى إذا : حان حين الموت ، و هو الحين الذي فيه تمام الاستفادة من الإيمان .
ذهب الله : بنوره ، و أبطل ما عمله ، و تركه في ظلمة لا يدرك فيها شيئا .
و يقع : بين الظلمة الأصلية ، و ما أوجده : من الظلمة بفعاله .
الميزان في تفسير القرآن ج‏1ص56 .

و قوله تعالى : { أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ......} إلى آخر الآيات .
الصيب : هو المطر الغزير .
و البرق : معروف ، و الرعد : هو الصوت الحادث من السحاب عند الإبراق .
و الصاعقة : هي النازلة من البروق .
و هذا مثل ثان : يمثل به حال المنافقين في إظهارهم الإيمان .
 أنهم : كالذي أخذه صيب السماء ، و معه ظلمة تسلب عنه الأبصار و التمييز .
فالصيب : يضطره إلى الفرار و التخلص ، و الظلمة تمنعه ذلك .
 و المهولات : من الرعد و الصاعقة محيطة به .
فلا يجد مناصا : من أن يستفيد بالبرق و ضوئه ، و هو غير دائم ، و لا باق متصل ، كلما أضاء له مشى ، و إذا أظلم عليه قام .
و هذه حال المنافق : فهو لا يحب الإيمان ، و لا يجد بدا من إظهاره.
 و لعدم المواطاة : بين قلبه و لسانه ، لا يستضيء له طريقه تمام الاستضاءة .
فلا يزال : يخبط خبطا بعد خبط ، و يعثر عثرة بعد عثرة ، فيمشي قليلا و يقف قليلا .
و يفضحه الله : بذلك ، و لو شاء الله لذهب بسمعه و بصره ، فيفتضح من أول يوم‏ .

 

 

http://www.alanbare.com/mezan
 الميزان في تفسير الميزان
للعلامة محمد حسين الطباطبائي قدس الله نفسه الزكية
استخرج التفسير الموضوعي منه ورتب فهارسه
 وأعد الصفحة للإنترنيت

خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين